من الملاحظ التغيير الذي أحدثته البيانات الضخمة على الطريقة التي تدار بها البيانات في اي مجال شاملة الرعاية الصحية. فالتحليل الناجح لهذه البيانات قادر على خفض التكاليف العلاجية، التنبؤ بتفشي الأوبئة، تجنب الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وتحسين نوعية الحياة بشكل عام. الممارسين الصحيين قادرون على جمع كميات هائلة من البيانات والبحث عن أفضل الاستراتيجيات للاستفادة منها. في هذه المقالة، نود ان نقدم عشرة أمثلة على تطبيقات البيانات الضخمة موجودة حاليا ويستفاد منها في مجال الرعاية الصحية.
تعيين العدد المناسب من الممارسين بناء على عدد المرضى المتوقع
بشكل عام، تعتبر مشكلة تعيين العدد المناسب من الموظفين بناء على حاجة العمل مشكلة كلاسيكية في اغلب القطاعات. الشح في التعيين قد يعرض المرضى إلى كثير من المخاطر والأخطاء القاتلة الناتجة عن زيادة ضغط العمل، على النقيض، المبالغة في التعيين قد يقلل الأخطاء لكن ينتج عنه هدر مالي غير مبرر.
البيانات الضخمة تساعد في حل هذه المشكلة. هذة المقالة في فوربس تناقش كيف ان اربعة مستشفيات في باريس تستخدم بينات من مصادر متنوعة وتقنيات الذكاء الاصطناعي للتوصل الى توقعات يومية لعدد المرضى في كل مستشفى.
أحد المصادر الهامة الذي تم الاعتماد عليها هي التحليل الزمني لسجلات المرضى في المستشفيات الأربعة للعشر سنوات السابقة. التحليل الزمني ينتج اتجاهات معينة لكل فترة زمنية من اليوم من السنوات السابقة. هذه الاتجاهات يمكن ان تستخدم للتنبؤ بعدد المرضى المستقبلي لكل فتره زمنية باستخدام خوارزميات تعلم الاله.
السجلات الصحية الإلكترونية
هذا هو التطبيق الأكثر انتشارا حاليا للبيانات الضخمة في المجال الصحي. كل مريض لدية سجله الخاص شاملا التاريخ المرضي، نتائج التحاليل المخبرية.... الخ. يتكون كل سجل من ملف واحد قابل للتعديل والمشاركة الأمنه بين الممارسين الصحيين. ويمكن ايضا ان تساعد السجلات الإلكترونية إلى تحذير الممارسين من اخطار معينة مثل الحساسية المفرطة لدواء معين أو الحاجة لتحليل مخبري جديد.
على الرغم من انتشار هذه السجلات، فأن العديد من البلدان لا زالت تكافح من اجل تطبيقها بالكامل. فمثلا ما يقارب ال 94% من المنشئات الصحية في الولايات المتحدة تعتمد على هذه السجلات. في نفس الوقت، لا زال عدد من دول الاتحاد الاوربي يعتمد على الانظمة القديمة.
احدى الأنظمة الناجحة هو نظام HealthConnect الذي يربط بينات المرضى بين كل المنشئات الصحية المتبنية للنظام. من المتوقع ان مشروع وزارة الصحة السعودية الجديد هو بناء نظام مماثل يغطي المملكة ككل. هذه الانظمة الضخمة بين عدد كبير من المنشئات لها أثر كبير في تحسين المخرجات والسيطرة على الهدر المالي. يشير تقرير من ماكينزي عن الرعاية الصحية للبيانات الضخمة إلى أن "النظام المتكامل قد حسّن النتائج في أمراض القلب والأوعية الدموية وحقق ووفر مبلغ يقدر بمليار دولار من انخفاض الزيارات المكتبية والاختبارات المعملية."
التنبيه في الوقت الحقيقي
تقوم الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية، بجمع البيانات الصحية للمرضى بشكل مستمر وإرسال هذه البيانات إلى السحابة الإلكترونية. يستطيع الممارس الصحي تحليل قاعدة البيانات لمتابعة الحالة الصحية للمرضى وتعديل الخطة العلاجية لكل مريض بناء على مؤشراته. على سبيل المثال، إذا زاد ضغط الدم للمريض بشكل مثير خطير، فإن النظام سيرسل تنبيهًا في الوقت الحقيقي إلى الطبيب الذي سيتخذ بعد ذلك إجراءات للوصول إلى المريض واتخاذ تدابير لخفض الضغط. مثال اخر على ذلك هو Asthmapolis، وهي اجهزة استنشاق للربو لكن مزودة بأجهزة تعقب مرتبطة بالأقمار الصناعية. الهدف الاساسي منها هو تعقب حالات الربو على مستوى المريض الشخصي وعلى مستوى عدد كبير من المرضى وربطها بإحداثيات المكان. يتم اقران البيانات الصادرة من هذه الأجهزة مع البيانات المجمعة من قبل مركز السيطرة على الامراض الامريكي من اجل وضع خطط علاج أفضل لمرضى الربو.
تعزيز مشاركة المريض
العديد من المستهلكين – الذين يحتمل ان يكونوا مرضى – لديهم اهتمام بالأجهزة الذكية التي تسجل نشاطهم البدني، معدل ضربات القلب، عادات النوم....الخ على اساس دائم. يمكن اقرات هذه المعلومات الحيوية ببيانات اخرى لتحديد المخاطر الصحية المحتملة. الأرق المزمن وارتفاع معدل ضربات القلب يمكن أن تشير إلى خطر لأمراض القلب في المستقبل على سبيل المثال. يشارك المرضى بشكل مباشر في رصد صحتهم، ويمكن للحوافز من شركات التأمين الصحي أن تدفعهم إلى توفير هذه المعلومات (على سبيل المثال: خصومات للِأشخاص الذين يستخدمون الساعات الذكية).
التخطيط الاستراتيجي المبني على البيانات الصحية
استخدمت جامعة فلوريدا خرائط جوجل وبينات الصحة العامة المجانية لأعداد خرائط حرارية لتركيز النمو السكاني والأمراض المزمنة. وتمت مقارنة الخرائط بالخدمات المقدمة في نفس مناطق تركز المرضى أو المناطق الساخنة في الخرائط. سمحت هذه النتائج في مراجعة سياسيات الخدمات الصحية المقدمة في أكثر الاماكن احتياجا.
علاج السرطان
يمكن للباحثين الطبيين استخدام كميات كبيره من بيانات خطط العلاج ومعدلات التعافي من مرض السرطان من اجل العثور على العلاجات التي لديها اعلى معدلات النجاح في العينة المدروسة. على سبيل المثال، يمكن للباحثين فحص عينات الاورام في البنوك الحيوية التي ترتبط بسجلات علاج المرضى. باستخدام هذه البيانات، يمكن للباحثين دراسة أشياء محددة مثل كيفية تفاعل بعض الطفرات وبروتينات السرطان مع العلاجات المختلفة. هذه البيانات يمكن تؤدي إلى نتائج إيجابية غير متوقعة، مثل العثور ان مضاد للاكتئاب (Desipramine) لدية القدرة على اعطاء نتائج ايجابية لأنواع معينة من سرطان الرئة (دراسة مستمرة).
الحد من الاحتيال وتعزيز الأمن
بينت بعض الدراسات ان بيانات المرضى أكثر عرضة للانتهاكات من اي بيانات اخرى. والسبب هو ان هذه البيانات قيمة ومربحة في السوق السوداء. مع اخذ ذلك في الاعتبار، بدأت العديد من المؤسسات الصحية في استخدام التحليلات للمساعدة في منع التهديدات الأمنية من خلال تحديد التغييرات في حركة مرور الشبكة، أو أي سلوك آخر يعكس هجومًا إلكترونيًا. بطبيعة الحال، فإن البيانات الضخمة لها قضايا أمنية متأصلة، ويعتقد الكثيرون أن استخدامها سيجعل المنظمات الصحية أكثر عرضة للهجمات مما هي عليه بالفعل. ولكن التقدم في مجال الأمن مثل تكنولوجيا التشفير، والجدران النارية، وبرامج مكافحة الفيروسات...الخ، ساعدت على تجاوز بعض هذه المخاطر.
بالمثل، يمكن ان تساعد البيانات الضخمة على منع الاحتيال والمطالبات المالية غير الدقيقة بطريقة منهجية وقابلة للتكرار. يساعد تحليل هذه البيانات في تبسيط وتسريع معالجة مطالبات التأمين، مما يمكّن المرضى من الحصول على عوائد أفضل على مطالباتهم المالية دفع التعويضات لمقدمي الرعاية الصحية بشكل أسرع. فعلى سبيل المثال، خدمات ميديكاير و مديكايد الفيدرالية وفرت اكثر من 200 مليون دولار في التصدي لعمليات الاحتيال في عام واحد فقط.
التطبيب عن بعد
يتم استخدامه عادة للاستشارات الأولية والتشخيص الأولي، ورصد المرضى عن بعد، والتعليم الطبي للمهنيين الصحيين. وتشمل بعض الاستخدامات الأكثر تحديدا الجراحة عن بعد – يمكن للأطباء إجراء عمليات باستخدام الروبوتات دون أن يكون جسديا في نفس الموقع مع المريض.
دمج البيانات الضخمة مع التصوير الطبي
يتم إجراء حوالي 600 مليون عملية تصوير كل عام في الولايات المتحدة. من المكلف ماديا حفظ هذه البيانات بشكل يدوي، حيث ان المستشفيات بحاجة إلى تخزينها لسنوات قبل التخلص منها. بالإضافه ان اخصائي الأشعه بحاجة إلى دراسة كل صورة على حدة.
البيانات الضخمة تساعد على الاستفادة من هذه الصور عن طريق خوارزميات معينة يتم تطوريها لتحليل ملايين الصور لمساعدة الطبيب في التشخيص عن طريق الشبكات العصبية.
للأستزادة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق